فصل: قال السمرقندي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي:

قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر}
قال الكلبي نزلت في حَيَّيْن من العرب أحدهما بنو عبد مناف والآخر بنو سهم تفاخرا في الكثرة فكثرتهم بنو عبد مناف فقال بنو سهم إنا البغي والقتال قد أهلكنا فقد أحيانا وأحياكم وأمواتنا وأمواتكم ففعلوا فكثرتهم بنو سهم فنزل {أَلْهَاكُمُ التكاثر} يعني: شغلكم وأذهلكم التفاخر {حتى زُرْتُمُ المقابر} يعني: أتيتم وذكرتم وعددتم أهل المقابر يعني: حتى يدرككم الموت على تلك الحال وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {ألهاكم التكاثر حتى زُرْتُمُ المقابر} ثم قال يقول بني آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فَأَفْنَيْتَ أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ويقال معناه أغفلكم التفاخر والتكاثر عن الهاوية والنار الحامية حتى زرتم المقابر يعني: عددتم مَنْ في المقابر ثم قال: {كَلاَّ} وهو رد على صنيعكم ويقال: {كلا} معناه أي لاَ تَدَعون الفخر بالأحساب حتى زرتم المقابر وقال الزجاج كلا ردع لهم وتنبيه يعني: ليس الأمر الذي أن يكون عليه التكاثر والذي ينبغي أن يكونوا عليه طاعة الله تعالى والإيمان بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} إذا نزل بكم الموت ويقال: {كلا سوف تعلمون} إن سئلتم في القبر ثم قال: {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} بعد الموت حين نزل بكم العذاب لأن الأحساب لا تنفعكم قوله تعالى: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ} قال بعضهم معناه لا لا تؤمنون بالوعيد وقد تم الكلام ثم استأنف فقال: {عِلْمَ اليقين} يعني: لو تعلمون ما القيامة باليقين لألهاكم عن ذلك ويقال هذا موصول به كلا لو تعلمون يقول حقًا لو علمتم علم اليقين بأن المال والحسب والفخر لا ينفعكم يوم القيامة ما افتخرتم بالمال والعدد والحسب ثم قال عز وجل: {لَتَرَوُنَّ الجحيم} قرأ ابن عامر والكسائي {لَتَرَوُنَّ} بضم التاء والباقون بالنصب فمن قرأ بالضم فهو على فعل ما لم يسم فاعله ونصب الجحيم على أنه مفعول به ثان، ومن قرأ بالنصب فعلى فعل المخاطبة ونصب الجحيم لأنه مفعول يعني: لترون الجحيم يوم القيامة عيانًا {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} يعني: يدخلونها عيانًا لا شك فيه {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} يعني: ولتسألن يوم القيامة عن النعيم قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أكل خبزًا يابسًا وشرب الماء من الفرات فقد أصاب النعيم وقال ابن مسعود رضي الله عنه هو الأمن والصحة وروى حماد بن سلمة عن أبيه عمار بن أبي عمار عن جابر أنه قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأطعمناهم رطبًا وأسقيناهم الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تَسْأَلُونَ عَنْهُ» وروى صالح بن محمد عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال إن أبا بكر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلة أكلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي الهيثم بن التيهان من لحم وخبز وشعير وبسر مذنب وماء عذب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نسأل عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا ذلك لِلكُفَّارِ ثُمَّ قال ثَلاَثَةٌ لا يَسْأَلُ الله تعالى عَنْهَا العَبْدَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا يُوارِي عَوْرَتَهُ وَمَا يُقِيمُ بِهِ صُلْبُهُ وَمَا يَكُفُّهُ عَنِ الحَرِّ والقُرِّ وَهُوَ مَسْؤُولٌ بَعْدَ ذلك عَنْ كُلِّ نِعْمَةٍ» وروى الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا أَنْعَمَ الله تعالى عَلَى العَبْدِ مِنْ نِعْمَةٍ صَغِيرَةٍ أوْ كَبِيرَةٍ فَيَقول عَلَيْهَا الحَمْدُ لله إِلاَّ أَعْطَاهُ الله تعالى خَيْرًا مِمَّا أَخَذَ» والله أعلم وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ قرأ سُورَةِ التَّكَاثُر لَمْ يُحَاسِبْهُ الله تعالى بِالنَّعِيمِ الَّذِي أَنْعَمَ بِهِ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا وَأُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ كَأَنَّمَا قرأ القرآن». اهـ.

.قال الثعلبي:

سورة التكاثر:
{أَلْهَاكُمُ التكاثر}
يقول: شغلتكم المباهاة والمفاخرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربّكم وما ينجيكم من سخطه عليكم {حتى زُرْتُمُ المقابر} أي مُتُّم فدفنتم فيها.
قال قتادة: نزلت في اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضُلاّلا.
وقال ابن بريدة: نزلت في فخذ من الأنصار تفاخروا. مقاتل والكلبي: نزلت في حيّين من قريش: بني عبد مناف وبني قصي، وبني سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب، كان بينهم لحاء فتعادّوا السادة والأشراف أيّهم أكثر فقال بنو عبد مناف: نحن أكثر سيّدًا وأعزّ عزيزًا وأعظم نفرًا وأكثر عددًا.
وقال بنو سهم مثل ذلك فكثرهم بنو عبد مناف ثم قالوا: نعدّ موتانا حتى زاروا القبور فعدّوهم، وقالوا: هذا قبرُ فلان وهذا قبرُ فلان، فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات؛ لأنهم كانوا أكثر عددًا في الجاهلية فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، وأبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحبربان قالا: أخبرنا أبو محمد حاجب بن أحمد بن سفيان قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مسيّب قال: حدّثنا النضر بن شميل قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن مطرف بن عبد اللّه عن النخير عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول اللّه عليه السلام وهو يقرأ هذه الآية: {أَلْهَاكُمُ التكاثر} قال: «يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت».
وروى زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التكاثر} إلى {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني في القبر.
{كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} وعيد لهم {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} والتكرير على التأكيد، وقال الضحّاك: {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني الكفّار {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} يعني المؤمنين، وكذلك كان يقرأها: الأولى بالتاء والثانية بالياء ثم {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} أي علمًا يقينًا فأضاف العلم إلى اليقين لقوله سبحانه: {إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين} [الواقعة: 95] قال قتادة: كنّا نحدّث أن علم اليقين أن يعلم أن اللّه باعثه بعد الموت.
{ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} يصلح أن يكون في معنى المضي جوابًا لـ: {لو}، تقديره: لو تعلمون العلم اليقين لرأيتم الجحيم بقلوبكم، ثم رأيتموها بالعين اليقين.
وقيل: معناه لو تعلمون علم اليقين لشغلكم عن التكاثر والتفاخر، ثم استأنف {لَتَرَوُنَّ الجحيم} على نيّة القَسَم، وإلى هذا ذهب مقاتل، وقيل: معناه: لو علمتم يقينًا أنكم ترون النار لشغلكم ذلك عما أنتم فيه.
وقيل: ذكر {كلاّ} ثلاث مرّات أرادَ: تعلمون عند النزوع، وتعلمون في القبر، وتعلمون في القيامة، ثم ذكر في الثالثة علم اليقين؛ لأنّه صار عيانًا ما كان مُغيّبًا.
وقراءة العامّة لتُرونّ بضم التاء في الحرفين، وضَمَّ الكسائي التاء في الأولى منهما وفتح الأُخرى، ورواه عن علي رضي الله عنه.
أخبرنا محمد بن عبدوس قال: حدّثنا محمد بن يعقوب قال: حدّثنا محمد بن الجهم قال: حدّثنا الفرّاء قال: أخبرني محمد بن الفضل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قرأ {لَتَرَوُنَّ الجحيم ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا} بضم التاء الأولى وفتح الثانية، وقال الفرّاء: الأول أشبه بكلام العرب؛ لأنّه تغليظ فلا ينبغي أن يختلف لفظه.
{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} اختلفوا فيه وأكثروا، فأخبرنا أبو على الحسين بن محمد ابن علي بن إبراهيم السراج بقرأءتي عليه في الجامع يوم الجمعة في المحرم سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن علي بن مهران الخشّاب، قال حدّثنا علي بن سعيد العسكري قال: حدّثنا الحسين بن معاذ الأخفش مُستملي أبي حفص الفلاس قال: حدّثنا إبراهيم ابن أبي سويد الذارع قال: حدّثنا سويد أبو حاتم عن قتادة عن عبد اللّه بن سفيان عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «عن الماء البارد».
وحدّثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين بن القيّم الحسني السُّني قال: حدّثنا أحمد ابن علي بن مهدي بن صدقة بالرملة قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا علي بن موسى الرضا قال: حدّثني أبي موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدّثني أبي محمد بن علي، قال حدّثني أبي علي بن الحسين قال: حدّثني أبي الحسين بن علي قال: حدّثني أبي علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه عليه السلام في قول سبحانه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «الرطب والماء البارد».
وقال عبد اللّه بن عمر: هو الماء البارد في الصيف، ودليل هذا التأويل الخبر المأثور: «أن أول ما يسأل اللّه سبحانه العبد يوم القيامة أن يقول له: ألم أصحّ جسمك وأروك من الماء البارد».
وقال أنس بن مالك: ضاف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المقداد بن الأسود فقدم إليه طعامًا فأكله ثم سقاه ماءً باردًا فاستطابه وقال: «يا بردها على الكبد»، ثم قال: «إذا شرب أحدكم الماء فليشرت أبرد ما يقدر عليه» قيل ولم؟ قال: «أطيب للمعدة، وأنفع للعلّة، وأبعث على الشكر».
وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا زكريّا العنبري يقول: سمعت أبا العباس الأزهري يقول: سمعت أبا حاتم يقول: الماء البارد العذب يستخرج الحمد من جوف القلب.
وقال مالك بن دينار: قال رجل للحسن: إنّ لنا جارًا لا يأكل الفالود ويقول: لا أقوم بشكره، فقال: ما أجهل جاركم بنعمة اللّه عليه بالماء البارد أكثر من نعمة بجميع الحلاوي!
وأخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن أحمد بن محمد الرومي قال: حدّثنا أبو حفص محمد بن حفص البصري قال: حدّثنا عبد اللّه بن سلمة بن عياش قال: حدّثنا الأشعث بن نزار عن قتادة عن عبد اللّه بن شقيق عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام في قول اللّه جلّ ثناؤه {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «من أكل خبز البُرّ، وشرب الماء المبرّد، وكان له ظل، فذلك النعيم الذي يُسأل عنه».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا بن مالك قال: حدّثنا ابن حنبل قال: حدّثني الوليد بن شجاع قال: حدّثنا محمد بن سعيد الأصبهاني عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «الأمن والصحة».
وأخبرني بن فنجويه قال: حدّثنا ابن برزة قال: حدّثنا محمد بن غالب بن حرب قال: حدّثني زكريّا بن يحيى الرقاشي المنقري قال: حدّثنا عبد اللّه بن عيسى بن خلف قال: حدّثنا يونس بن عبد عن عكرمة عن ابن عباس أنّه سمع عمر بن الخطاب يقول: «خرج علينا رسول اللّه عليه السلام عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد فقال: يا أبا بكر ما أخرجك في هذه الساعة؟» قال: يا رسول اللّه أخرجني الذي أخرجك.
قال: وجاء عمر فقال له رسول اللّه: «يا أبا الخطّاب ما أخرجك؟» قال: يا رسول اللّه الذي أخرجكما. وقعد معهما عمر قال: فأقبل رسول اللّه عليه السلام يحدّثهما ثم قال: «هل لكما من قوّة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعامًا وشرابًا وظلًا؟».
قلنا: نعم، قال: «مرّوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري» فتقدّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين أيدينا فاستأذن وسلّم عليهم ثلاث مرّات، وأُمّ الهيثم تسمع الكلام من وراء الباب، وتريد أن يزيدهم رسول اللّه عليه السلام، فلمّا أراد رسول اللّه عليه السلام أن ينصرف خرجت أُمّ الهيثم تسعى خلفهم فقالت: يا رسول اللّه لقد سمعت تسليمك ولكنّي أردت أن تزيدنا من سلامك.
فقال لها رسول اللّه عليه السلام: «أين أبو الهيثم؟» قالت: يا رسول اللّه هو قريب، ذهب يستعذب لنا من الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء اللّه.
وبسطت لهم بساطًا تحت شجرة حتى جاء أبو الهيثم، ففرح بهم أبو الهيثم وقرّت عينه، وصعد أبو الهيثم على نخلة يصرم لهم عذقًا، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «حسبك يا أبا الهيثم» قال: يا رسول اللّه تأكلون من بسره ومن رطبه وتذنوبه ثم أتاهم فشربوا عليه فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «هذا من النعيم الذي تُسألون عنه».
ثم قام أبو الهيثم إلى شاة لهم ليذبحها، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «إياك واللبون» وقامت أُمّ الهيثم تعجن لهم وتخبز فوضع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رؤوسهم للقائلة، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم فوضع بين أيديهم الطعام فأكلوا وشبعوا وحمدوا اللّه عزّ وجلّ، ثم ردّ عليهم أبو الهيثم بقية الأعذاق فأكلوا من رطبه ومن تذنوبه فسلّم عليهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ودعا لهم بخير.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا الفريابي قال: حدّثنا منصور بن أبي مزاحم قال: حدّثنا أبو سعيد المؤذّن وهو محمد بن مسلم بن أبي للوضّاح عن محمد بن عمر عن صفوان بن سليم عن محمود بن لبيد قال: «لمّا نزلت هذه الآية: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قالوا: يا رسول اللّه عن أيّ نعيم نُسأل وإنّما هما هذان الأسودان التمر والماء، وسيوفنا على عواتقنا؟ قال: إنّ ذاك لكائن».
وأخبرنا الفنجوي قال: حدّثنا القطيعي قال: حدّثنا ابن حنبل قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا عنّان قال: حدّثنا يزيد بن إبراهيم قال: أخبرنا يوسف ابن أخت ابن سيرين عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول اللّه سبحانه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «ناس من أُمّتي يعقدون السمن والعسل بالنقي فيأكلونه».
وأخبرنا بن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا الفريابي قال: حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه قال: أخبرنا هيثم قال: أخبرنا منصور بن زاذان عن ابن سيرين عن ابن عمر قال: لا يدخل الحمّام فإنّه ممّا أحدثوا من النعيم، قال: وكان منصور لا يدخل الحمّام.
وأخبرني الحسين قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا محمود بن الفرج قال: حدّثنا ابن أبي الشوارب قال: حدّثنا أبو عوانة عن ابراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد اللّه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن اللّه سبحانه ليعدد نعمه على العبد في المصدر: يوم القيامة حتى يعد عليه: سألتني فلانة أن أزوجكها، يسمّيها باسمها فزوجتكها».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا بن صقلاب قال: حدّثنا ابن أبي الخصيب قال: حدّثني محمد بن عيسى قال: حدّثنا فضل بن سهل قال: حدّثنا حفص بن عمر قال: حدّثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: لمّا نزلت {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قالت الصحابة: يا رسول اللّه وأي نعيم نحن فيه. وإنما نأكل في أنصاف بطوننا الشبع؟ فأوحى اللّه سبحانه إلى نبيّه: قل لهم: «أليس تحتذون النعال، وتشربون الماء البارد؟ فهذا من النعيم».
وأخبرني ابن فنجويه قال حدّثنا أبو زرعة الرازي قال: حدّثنا أبو الحسن الأشناني القاضي قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن سعيد الخراز قال: حدّثني أبي قال: حدّثني محمد بن مروان عن أبان بن تغلب عن أنس بن مالك قال: لما نزلت {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} جاء رجل محتاج فقال: يا رسول اللّه هل على من النعمة شيء؟ قال: «نعم، النعلان، والظل، والماء البارد».
وأخبرنا محمد بن محمد بن هانئ قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمد بن محمد الرواساني قال: حدّثنا أبو سعيد الأشجّ قال: حدّثنا ابن نمير عن ابن جريج عن مجاهد {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: عن كل لذّة من لذات الدنيا.
وأنبأني عبد اللّه بن حامد، قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدّثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى قال: حدّثنا يحيى بن يحيى قال: حدّثنا أبو عامر بن أُساف اليمامي عن يحيى وهو عبد لابن أبي كثير قال: قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم {أَلْهَاكُمُ التكاثر} على أصحابه فلمّا بلغ {لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال: «هل تدرون ما ذاك النعيم؟» قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: «بيت يقلّك، وخرقة تواري عورتك، وكسرة تشدُ بها صلبك ما سوى ذلك نعيم».
وأخبرنا عبد اللّه بن حامد إجازة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المكّي قال: حدّثني أبو بكر محمد بن جعفر المقري بشمشاط قال: حدّثنا أحمد بن سفيان بن علقمة بن عبد اللّه المقدمي قال: حدّثنا عمرو بن خالد قال: حدّثنا النضر بن عربي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم {أَلْهَاكُمُ التكاثر} قال: «تكاثر الأموال: جمعها من غير حقّها، ومنعها عن حقّها، وشدّها في الأوعية، {حتى زُرْتُمُ المقابر} حتى دخلتم قبوركم {كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لو قد دخلتم قبوركم {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} لو قد تطايرت الصُحف فشقيٌّ وسعيد {لَتَرَوُنَّ الجحيم} {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين} قال: وذلك حين يؤتى بالصراط فينصب بين حفرتي جهنم {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} قال عن خمس: عن شبع البطون، وبارد الشراب، ولذّة النوم، وظلال المساكن، واعتدال الخلق».
وأخبرنا عبد اللّه بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا الحسن بن زياد قال: حدّثنا أبو خلد الأحمر عن مفضل عن مغيرة عن إبراهيم قال: من أكل فسمّى اللّه وفرغ فحمد اللّه لم يسئل عن نعيم ذلك الطعام.
وقال ابن عباس: النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار، قال: يسأل اللّه العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم، وهو قوله سبحانه: {إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} [الإسراء: 36]، أبو جعفر: العافية.
وأنبأني عقيل قال: أخبرنا المعافى قال: أخبرنا ابن جرير قال: أخبرنا بن حميد قال: حدّثنا مهران عن إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن الحرث التميمي عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «النعيم المسؤول عنه يوم القيامة: كسرة تقوّيه، وماء يرويه، وثوب يواريه».
وبه عن مهران عن سفيان عن بكر بن عتيق العامري قال: أُتي سعيد بن جبير بشربة عسل فقال: أما إنّ هذا من النعيم الذي يُسئل عنه.
وقال محمد بن كعب: يعني عمّا أنعم عليكم بمحمد عليه السلام، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} [النحل: 83]، عكرمة: عن الصحة والفراغ.
سعيد بن جبير: عن الصحة والفراغ والمال، ودليله ما روى ابن عباس عن النبي عليه السلام أنّه قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
وقال عروة بن محمد: كنّا مع وهب بن منبه فرأينا رجلا أصمّ أعمى مقعدًا مجذومًا مصابًا فقلنا: هل بقي على هذا شيءٌ من النعيم؟ قال: نعم، أعظمه بشبعه ما يأكل ويشرب ويسهل عليه إذا خرج لذلك.
قال بكر عن عبد اللّه المزني: يالها من نعمة يأكل لذّة ويخرج سرجًا. أبو العالية: عن الإسلام والستر. الحسين بن الفضل: تخفيف الشرايع وتيسير القرآن. أبو بكر الورّاق: عن الآلاء والنعماء. اهـ.